هل تعلم ماذا جرى للذى حاول ان ينبش قبر النبي صلى الله عليه وسلم !!!؟
تذكر كتب التاريخ حوادث أربعة في محاولات نبش قبر النبي صلى الله عليه وسلم ، محاولتان تولَّى كِبرَهما بعضُ النصارى ، والثالثة والرابعة باء بإثمهما الحاكم العبيدي الزنديق الذي ادعى الربوبية .
المحاولة الآثمة الأولى :
تبوأ إثمها ووزرها الحاكم العبيدي الزنديق : منصور بن نزار بن معد المصري الإسماعيلي المدعي الربوبية ، قال فيه الذهبي “سير أعلام النبلاء (15/174) .
كان شيطانا مريدا جبارا عنيدا ، كثير التلون ، سفاكا للدماء ، خبيث النِّحلة ، عظيم المكر ، له شأن عجيب ، ونبأ غريب ، كان فرعون زمانه ، أمر بسب الصحابة رضي الله عنهم ، وبكتابة ذلك على أبواب المساجد والشوارع ” انتهى باختصار .
وقال السمهودي في “وفاء الوفا” (2/652)
وقد وقع بعد الأربعمائة من الهجرة ما نقله الزين المراغي عن “تاريخ بغداد” لابن النجار قال:
عن أبي القاسم عبد الحليم بن محمد المغربي : (( أن بعض الزنادقة أشار على الحاكم العبيدي صاحب مصر بنقل النبي صلى الله عليه وسلم وصاحبيه من المدينة إلى مصر ، وزين له ذلك .
وقال : متى تم لك ذلك شد الناس رحالهم من أقطار الأرض إلى مصر ، وكانت منقبة لسكانها .
فاجتهد الحاكم في ذلك ، وأعد مكاناً ، أنفق عليه مالا جزيلا . قال : وبعث أبا الفتوح لنبش الموضع الشريف ، فلما وصل إلى المدينة الشريفة وجلس بها حضر جماعة المدنيين وقد علموا ما جاء فيه ، وحضر معهم قارئ يعرف بـ ” الزلباني ” ، فقرأ في المجلس : (وَإِنْ نَكَثُوا أَيْمَانَهُمْ مِنْ بَعْدِ عَهْدِهِمْ وَطَعَنُوا فِي دِينِكُمْ فَقَاتِلُوا أَئِمَّةَ الْكُفْرِ إِنَّهُمْ لا أَيْمَانَ لَهُمْ لَعَلَّهُمْ يَنتَهُونَ * أَلا تُقَاتِلُونَ قَوْمًا نَكَثُوا أَيْمَانَهُمْ وَهَمُّوا بِإِخْرَاجِ الرَّسُولِ وَهُمْ بَدَءُوكُمْ أَوَّلَ مَرَّةٍ أَتَخْشَوْنَهُمْ فَاللَّهُ أَحَقُّ أَنْ تَخْشَوْهُ إِنْ كُنتُمْ مُؤْمِنِينَ) التوبة/12، 13
فماج الناس ، وكادوا يقتلون أبا الفتوح ومن معه من الجند ، ولما رأى أبو الفتوح ذلك قال لهم :
الله أحق أن يخشى ، والله لو كان علي من الحاكم فوات الروح ما تعرضت للموضع ، وحصل له من ضيق الصدر ما أزعجه كيف نهض في مثل هذه المخزية
فما انصرف النهار ذلك اليوم حتى أرسل الله ريحا كادت الأرض تزلزل من قوتها ، حتى دحرجت الإبل بأقتابها ، والخيل بسروجها كما تدحرج الكرة على وجه الأرض ، وهلك أكثرها وخَلْقٌ من الناس ، فانشرح صدر أبي الفتوح ، وذهب روعه من الحاكم لقيام عذره من امتناع ما جاء فيه “
انتهى بتصرف
المحاولة الآثمة الثانية :
ويبدو أنها محاولة ثانية من الحاكم العبيدي أيضا ، ينقلها أيضا السمهودي في “وفاء الوفا” (2/653) فيقول :
ونقل ابن عذرة في كتاب “تأسي أهل الإيمان فيما جرى على مدينة القيروان” لابن سعدون القيرواني ما لفظه :
(( ثم أرسل الحاكم بأمر الله إلى مدينة الرسول صلى الله عليه وسلم من ينبش قبر النبي صلى الله عليه وسلم ، فدخل الذي أراد نبشه دارا بقرب المسجد ، وحفر تحت الأرض ليصل إلى قبر النبي صلى الله عليه وسلم ، فرأوا أنوارا ، وسُمِعَ صائح : إن نبيكم ينبش ، ففتش الناس ، فوجدوهم ، وقتلوهم ” انتهى
المحاولة الآثمة الثالثة :
وقعت سنة (557هـ) في عهد السطان الملك العادل نور الدين زنكي رحمه الله ، وكان الذي تولى كبرها النصارى
رأى السلطان نور الدين رحمه الله في نومه النبيَّ صلى الله عليه وسلم وهو يشير إلى رجلين أشقرين ويقول : أنجدني ، أنقذني من هذين .
فاستيقظ فزعا ، ثم توضأ وصلى ونام ، فرأم المنام بعينه ، فاستيقظ وصلى ونام ، فرآه أيضا مرة ثالثة .
فاستيقظ وقال : لم يبق نوم .
وكان له وزير من الصالحين يقال له جمال الدين الموصلي ، فأرسل إليه ، وحكى له ما وقع له ، فقال له : وما قعودك ؟ اخرج الآن إلى المدينة النبوية ، واكتم ما رأيت
فتجهز في بقية ليلته ، وخرج إلى المدينة ، وفي صحبته الوزير جمال الدين .
فقال الوزير: وقد اجتمع أهل المدينة في المسجد : إن السلطان قصد زيارة النبي صلى الله عليه وسلم ، وأحضر معه أموالا للصدقة ، فاكتبوا من عندكم . فكتبوا أهل المدينة كلهم ، وأمر السلطان بحضورهم .
وكل من حضر يأخذ يتأمله ليجد فيه الصفة التي أراها النبي صلى الله عليه وسلم له فلا يجد تلك الصفة ، فيعطيه ويأمره بالانصراف ، إلى أن انفضت الناس .
فقال السلطان : هل بقي أحد لم يأخذ شيئا من الصدقة ؟
قالوا : لا . فقال تفكروا وتأملوا .
فقالوا : لم يبق أحد إلا رجلين مغربيين لا يتناولان من أحد شيئا ، وهما صالحان غنيان يكثران الصدقة على المحاويج .
فانشرح صدره وقال : علي بهما .
فأُتي بهما فرآهما الرجلين اللذين أشار النبي صلى الله عليه وسلم إليهما بقوله : أنجدني أنقذني من هذين
فقال لهما : من أين أنتما ؟
فقالا : من بلاد المغرب ، جئنا حاجين ، فاخترنا المجاورة في هذا المقام عند رسول الله صلى الله عليه وسلم
فقال : اصدقاني ، فصمما على ذلك .
فقال : أين منزلهما ؟
فأخبر بأنهما في رباط بقرب الحجرة الشريفة .
وأثنى عليهما أهل المدينة بكثرة الصيام والصدقة ، وزيارة البقيع وقباء ، فأمسكهما وحضر إلى منزلهما ، وبقي السلطان يطوف في البيت بنفسه ، فرفع حصيرا في البيت ، فرأى سردابا محفورا ينتهي إلى صوب الحجرة الشريفة ، فارتاعت الناس لذلك .
وقال السلطان عند ذلك : اصدقاني حالكما ! وضربهما ضربًا شديدًا ، فاعترفا بأنهما نصرانيان ، بعثهما النصارى في حجاج المغاربة ، وأعطوهما أموالاً عظيمة ، وأمروهما بالتحيل لسرقة جسد النبي صلى الله عليه وسلم ، وكانا يحفران ليلا ، ولكل منهما محفظة جلد على زي المغاربة ، والذي يجتمع من التراب يجعله كل منهما في محفظته ، ويخرجان لإظهار زيارة البقيع فيلقيانه بين القبور ، وأقاما على ذلك مدة ، فلما قربا من الحجرة الشريفة أرعدت السماء وأبرقت ، وحصل رجيف عظيم بحيث خيل انقلاع تلك الجبال ، فقدم السلطان صبيحة تلك الليلة .
فلما اعترفا ، وظهر حالهما على يديه ، ورأى تأهيل الله له لذلك دون غيره ، بكى بكاء شديدا ، وأمر بضرب رقابهما ، ثم أمر بإحضار رصاص عظيم ، وحفر خندقا عظيما حول الحجرة الشريفة كلها ، وأذيب ذلك الرصاص ، وملأ به الخندق ، فصار حول الحجرة الشريفة سورٌ رصاصٌ ، ثم عاد إلى ملكه ، وأمر بإضعاف النصارى ، وأمر أن لا يستعمل كافر في عمل من الأعمال .
ذكر هذه الحادثة جمال الدين عبد الرحيم بن الحسن بن علي الأسنوي (ت 772هـ) في رسالة له اسمها : ” نصيحة أولي الألباب في منع استخدام النصارى “
ويسميها بعضهم بـ “الانتصارات الإسلامية ” نقلها عنه علي بن عبد الله السمهودي (ت 911هـ) في كتابه وفاء الوفا بأخبار دار المصطفى ” (2/648-650)
وذكرها الحافظ جمال الدين عبد الله بن محمد بن أحمد المطري (ت 765هـ) ، وكان رئيس المؤذنين في الحرم النبوي ، وهو مؤرخ ، له كتاب ” الإعلام فيمن دخل المدينة من الأعلام ” قال : ” سمعتها من الفقيه علم الدين يعقوب بن أبي بكر عمن حدثه من أكابر من أدرك ، أن السلطان محمودا…وذكر القصة بنحو ما سبق مع اختلاف يسير
نقلا عن “وفاء الوفا” (2/650)
المحاولة الآثمة الرابعة :
يحدثنا عن هذه المحاولة العلامة الرحالة ابن جبير أبو الحسين محمد بن أحمد ، المتوفى سنة (614هـ) ، يذكرها في “رحلته” في أحداث سنة (578هـ) (ص/34-35) ، وذلك بعد وصوله إلى الإسكندرية ، حيث قال :
لما حللنا الإسكندرية في الشهر المؤرخ أولا – يعني ذي القعدة – ، عاينَّا مجتمعا من الناس عظيما بروزا لمعاينة أسرى من الروم أدخلوا البلد راكبين على الجمال ، ووجوههم إلى أذنابها وحولهم الطبول والأبواق ، فسألنا عن قصتهم ، فأخبرنا بأمر تتفطر له الأكباد إشفاقًا وجزعًا :
وذلك أن جملة من نصارى الشام اجتمعوا وأنشأوا مراكب في أقرب المواضع التي لهم من بحر القلزم – البحر الأحمر – ، ثم حملوا أنقاضها على جمال العرب المجاورين لهم بِكِراء – أي بأجرة – اتفقوا معهم عليه ، فلما حصلوا بساحل البحر سمروا مراكبهم ، وأكملوا إنشاءها وتأليفها ، ودفعوها في البحر ، وركبوها قاطعين بالحجاج ، وانتهوا إلى بحر النعم ، فأحرقوا فيه نحو ستة عشر مركبا ، وانتهوا ” عيذاب ” – اسم مكان – فأخذوا فيها مركبا كان يأتي بالحجاج من جدة ، وأخذوا أيضا في البر قافلة كبيرة تأتي من قوص ” عيذاب ” ، وقتلوا الجميع ولم يحيوا أحدا ، وأخذوا مركبين كانا مقبلين بتجار من اليمن ، وأحرقوا أطعمة كثيرة على ذلك الساحل كانت معدة لميرة مكة والمدينة أعزهما الله ، وأحدثوا حوادث شنيعة لم يسمع مثلها في الإسلام ولا انتهى رومي ذلك الموضع قط .
ومن أعظمها حادثة تسد المسامع شناعة وبشاعة ، وذلك أنهم كانوا عازمين على دخول مدينة الرسول صلى الله عليه وسلم ، وإخراجه من الضريح المقدس
أشاعوا ذلك وأجروا ذكره على ألسنتهم ، فأخذهم الله باجترائهم عليه ، وتعاطيهم ما تَحُولُ عنايةُ القدرِ بينهم وبينه ، ولم يكن بينهم وبين المدينة أكثر من مسيرة يوم ، فدفع الله عاديتهم بمراكب مرت من مصر والإسكندرية ، دخل فيها الحاجب المعروف بلؤلؤ مع أنجاد المغربة البحريين ، فلحقوا العدو وهو قد قارب النجاة بنفسه فأخذوا عن آخرهم ، وكانت آية من آيات العنايات الجبارية ، وأدركوهم عن مدة طويلة كانت بينهم من الزمان ، نيف على شهر ونصف أو حوله ، وقتلوا وأسروا ، وفرق من الأسارى على البلاد ليقتلوا بها ، ووجه منهم مكة والمدينة ، وكفى الله بجميل صنعه الإسلام والمسلمين أمرا عظيما ، والحمد لله رب العالمين ” انتهى
فهذه هي المحاولات التي وقفنا عليها ، والله تعالى حافظ جسد نبيه صلى الله عليه وسلم من أن تصل إليه أيدي أعدائه بسوء ، وللمزيد حول هذا الموضوع يراجع كتاب “القبة الخضراء ومحاولات سرقة الجسد الشريف” لمحمد علي قطب ، الدار الثقافية
إرسال تعليق